في زوايا مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، لا صوت يعلو فوق هدير القصف، ولا مشهد يطغى على ركام البيوت والدماء الطاهرة. ومع ذلك، تظل الأرواح معلّقة بالتراب، متجذّرة كصخر البحر الذي يحتضن المخيم منذ النكبة.
مجازر متواصلة، واستهداف متعمّد، وبيوت تنهار على من فيها دون سابق إنذار. ورغم ذلك، يصرّ الأهالي على البقاء، وكأنّ في صمودهم معركة شرف تتحدى التهجير والمحو القسري.
طائرات “إف 16” تشنّ حرب دمار شامل، مستهدفة بنايات متعددة الطبقات تؤوي آلاف النازحين الذين لجؤوا إليها بعد تدمير منازلهم في شمال القطاع. القصف، الذي لم يكن بعيدًا عن مراكز الإيواء، خلّف دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وأفرغ المكان من الحياة، تاركًا أكوامًا من الركام والدمار.
لم يكن أمام سكان مخيم ومعسكر الشاطئ سوى التمسك بأرضهم والتشبث ببيوتهم، رغم حجم الخسائر، ليسطّروا حكاية فشل مخطط تهجيرهم تحت سطوة القتل وقذائف الإبادة.
محمد العكلوك، أحد سكان المخيم، لم يتراجع عن قراره بإعادة بناء منزله، رغم الضرر البالغ الذي أصابه نتيجة قصف منزل مجاور. يقول لـ “قدس برس”: “الأرض لنا، وسنعيد إعمار منازلنا مهما كلف الأمر، نحن شعب صامد لا يفرّط في حقه”.
ويضيف: “يعمد الاحتلال إلى تدمير بيوتنا وعماراتنا السكنية بهدف تهجير أهالي مخيم الشاطئ قسرًا نحو جنوب القطاع، وهو ما لن يحدث أبدًا”.
ويتابع: “هممت بكل جهدي وأبنائي على إزالة الحجارة والركام من بين أنقاض منزلي، كخطوة أولى نحو إعادة البناء والعودة إلى الحياة الطبيعية”.
أما المواطن إبراهيم أبو العمرين، فيرى أن استهداف المنازل القريبة من مراكز الإيواء يهدف إلى بثّ الخوف في نفوس السكان ودفعهم للنزوح جنوبًا، ضمن خطة ممنهجة لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين. يقول لـ “قدس برس”: “الاحتلال يريدنا أن نرحل، لكنه لن ينجح في ذلك. سنبقى على أرضنا مهما بلغت التضحيات”.
ويتابع: “هذه الأرض ملكنا، ولن نترك بيوتنا رغم كل المحاولات. الاحتلال واهم إن ظنّ أنه سيجبرنا على الرحيل”.
وتشنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي مطلق، حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، خلّفت، وفق إحصائية يومية مفتوحة يعدّها “المركز الفلسطيني للإعلام”، 64 ألفًا و756 شهيدًا، بالإضافة إلى 164 ألفًا و059 جريحًا، وأكثر من 9 آلاف مفقود، ومجاعة أودت بحياة المئات، فيما يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في ظروف نزوح قسري وسط دمار شامل.
SOURCE: QUDS PRESS INTERNATIONAL NEWS AGENCY