Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

الهيمنة على المسجد الإبراهيمي: إسرائيل تُكافئ الصهيونية الدينية بالسيطرة على المقدسات

 رأى عدد من المتابعين والمراقبين أن قرار نقل صلاحيات إدارة المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، من بلدية الخليل إلى المجلس الديني التابع لمستعمرة “كريات أربع”، يحمل دلالات خطيرة تتعلق ببسط السيطرة الدينية والإدارية الكاملة من قبل التيارات الإسرائيلية. ويُنظر إلى القرار كبداية لوضع اليد على العديد من المناطق الأثرية والتاريخية، ضمن ما يُعرف بخطة الضم، تحت ذرائع دينية وإدارية.

من جهته، شدد الكاتب والمؤرخ ممدوح بري على أن هذا القرار يمثل جزءًا من سياسة القضم التدريجي، ويُعد مؤشرًا على فترة صعبة مقبلة في الضفة الغربية، كما يعكس ملامح نظام الحكم والإدارة الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه في الفترة القادمة. واعتبره خطوة متقدمة نحو السيطرة الإدارية والدينية الكاملة والنهائية على الحرم الإبراهيمي.

وأشار بري في حديث مع “قدس برس” إلى وجود مشروع قرار سابق كان يتطلب مصادقة الكنيست، يقضي بأن يتبع كل مجلس قروي أو بلدي فلسطيني لإدارة مجلس المستوطنة المجاورة، غير أن تنفيذ هذا القرار تم تأجيله.

وتابع: “أما فيما يتعلق بالمسجد الإبراهيمي، فيبدو أن الخطوة جاءت بدفع من تيار الصهيونية الدينية، كمكافأة حكومية له، ومن المرجح أن نشهد خطوات مشابهة في عدة مواقع فلسطينية أخرى في الضفة الغربية خلال المرحلة المقبلة”.

من جانبه، وصف الكاتب السياسي مروان القبلاني السيطرة الإسرائيلية الكاملة على المسجد الإبراهيمي بأنها “خطيرة للغاية، وتدل على الطبيعة الاستعمارية التي تسعى للهيمنة التامة على المقدسات الإسلامية”.

وأكد القبلاني أن ما وصل إليه المسجد الإبراهيمي اليوم هو نتيجة لمسار بدأ منذ احتلال مدينة الخليل عام 48، حيث سُمح لليهود بالدخول إلى المسجد وأداء صلوات تلمودية، ثم تطور الأمر إلى تقسيم مكاني وزماني، تبعه إغلاق المسجد أمام المسلمين في أيام محددة، وصولًا إلى نقل صلاحيات إدارته إلى جهات يهودية.

وطالب القبلاني أهالي مدينة الخليل بالتحرك العاجل لإجبار الاحتلال على التراجع عن إجراءاته في المسجد الإبراهيمي، داعيًا إلى خطوات شعبية واسعة وغضب جماهيري واسع، محذرًا من أن استمرار الصمت قد يحول المسجد إلى “كنيس صهيوني” يُمحى منه كل أثر إسلامي.

كما دعا القبلاني أهالي الضفة الغربية إلى التحرك، مؤكدًا أن ما يحدث في المسجد الإبراهيمي قد يتكرر في المسجد الأقصى المبارك، في ظل استمرار الصمت الرسمي والشعبي.

بدوره، اعتبر تيسير أبو سنينة، رئيس بلدية الخليل، أن “نقل صلاحيات إدارة الحرم الإبراهيمي هو اعتداء على حضارة المدينة وخرق صارخ للقانون الدولي”.

وقال أبو سنينة في بيان صحفي إن “ما يتم تداوله عبر الصحافة الإسرائيلية حول سحب صلاحيات بلدية الخليل، هو اعتداء صارخ على حضارة المكان ورمزيته التاريخية والدينية، وخطوة تهدف إلى تهويد الحرم الإبراهيمي ومحيطه، وفرض سيادة احتلالية غير شرعية على أحد أقدس المعالم الإسلامية”.

وأوضح أبو سنينة أن الحرم الإبراهيمي، المُسجل على قائمة التراث العالمي الإنساني، يُعد ملكية فلسطينية خالصة، وموقعًا حضاريًا إنسانيًا. وأكد أن أي مساس بوضعه التاريخي والديني يمثل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي ولكافة الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة، بما في ذلك بروتوكول الخليل وتوصيات لجنة “شمغار” التي شُكلت عقب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، والتي رغم كونها مجحفة وأحادية الجانب، لا يزال الاحتلال يحتفظ ببعض جوانب الالتزام بها.

يقع المسجد الإبراهيمي في البلدة القديمة بمدينة الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، حيث يفرض الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على المنطقة، ويسكن فيها نحو 400 مستوطن، تحت حراسة مشددة من حوالي 1500 جندي إسرائيلي، وسط انتشار عشرات الحواجز العسكرية.

ومنذ عام 1994، قسّمت إسرائيل، بصفتها قوة احتلال، المسجد الإبراهيمي بنسبة 63 بالمئة لليهود و37 بالمئة للمسلمين، وذلك عقب المجزرة التي ارتكبها المستوطن اليهودي باروخ جولدشتاين، حينما فتح نيران رشاشه على المصلين فجر يوم 25 شباط/فبراير 1994.

SOURCE: QUDS PRESS INTERNATIONAL NEWS AGENCY