Search
Close this search box.
Search
Close this search box.

عامان من الضياع…طلبة غزة محرومون من اجتياز الثانوية العامة جرّاء حرب الإبادة

للعام الثاني على التوالي، لم تتمكن الطالبة ملك الشوا من تقديم اختبارات الثانوية العامة في قطاع غزة، بسبب النزوح القسري الذي فرضته آلة الحرب الإسرائيلية على مدينة غزة، لتجد نفسها أمام مستقبل يتلاشى رغم تفوقها الدراسي.

“كل شيء ينهار أمامي، أراقب بصمت مستقبلي الذي لطالما سعيت من أجله يتبدد أمامي”، هكذا عبرت ملك لمراسل “قدس برس” عن صدمتها بعد أن فقدت عامين دراسيين متتاليين، مؤكدة أنها كانت من الطالبات المتفوقات على مستوى القطاع، وحققت درجات الامتياز في مختلف المراحل التعليمية، وكان طموحها أن تدرس الطب البشري في تخصص جراحة المخ والأعصاب أسوة بوالدها.

لكن الحرب قلبت حياتها رأسا على عقب، فبعد تدمير منزل عائلتها في الشهر الأول من العدوان، أصيبت ملك بشظايا في قدمها وأجرت عدة عمليات جراحية، قبل أن تضطر للنزوح إلى رفح ثم خان يونس.

وتقول “قضيت عامي الأول في الحرب بلا تعليم، ثم استأجرنا لاحقا شقة في حي تل الهوى بغزة، لكننا غادرناها قبل أسبوعين فقط نحو مخيم النصيرات، بعدما أنهيت استعداداتي للامتحانات التي كادت أن تبدأ، لأجد نفسي من جديد أمام عام دراسي ضائع.”

حرمان جماعي للطلبة

قصة ملك ليست استثناء، إذ يعيش آلاف الطلبة في غزة واقعا مشابها، فبحسب وزارة التربية والتعليم، حُرم نحو 630 ألف طالب من مواصلة تعليمهم بسبب حرب الإبادة، بينهم نحو 70 ألف طالب من مواليد 2006 و 2007، الذين كان يفترض أن يتقدموا لاختبارات الثانوية العامة هذا العام، وتشير الأرقام إلى أن 4 آلاف طالب استشهدوا خلال الحرب، فيما غادر القطاع مثلهم إلى الخارج.

ورغم محاولات الوزارة إيجاد حلول بديلة، فإن الجهود لم تحقق سوى نجاح جزئي، فقد بدأت تجربة تقديم الاختبارات إلكترونيا في 5 من الشهر الجاري، وتمكن فقط 1500 طالب من اجتياز الامتحانات، من أصل عشرات الآلاف الذين كان من المفترض أن يتقدموا لتأدية الاختبارات.

تحديات أمنية وتقنية

وقال أحد مدراء مدارس الثانوية العامة في وسط القطاع لمراسلنا “كان من المفترض أن يتم تقديم الاختبارات إلكترونيا في مراكز مخصصة تشرف عليها الوزارة، لكننا لم نتمكن إلا من تجهيز خمس استراحات مستأجرة، العملية تزامنت مع الاجتياح الإسرائيلي لغزة وخان يونس، ما حد من قدرة الطلبة على الوصول”.

وأضاف “لم يتمكن سوى بضعة آلاف من الطلبة من الحضور، ولكننا واجهة معضلة انقطاع الإنترنت وضعفه المتكرر، ما جعل التجربة مليئة بالتحديات”، منوها أنه “لا يمكن استمرار هذه الآلية في ظل الحرب، فالكثير من الطلبة كانوا منشغلين بالنزوح، أو غير مهيئين نفسيا وتعليميا لخوض الاختبارات”.

مع دخول الحرب عامها الثالث، يجد طلبة غزة أنفسهم في مواجهة ضياع مستقبلي، إذ تراكمت سنوات الانقطاع والتشريد وفقدان المدارس والمناهج، بالنسبة لملك وآلاف غيرها، لم يعد الامتحان مجرد اختبار دراسي، بل معركة من أجل البقاء والحفاظ على حقهم في التعليم وسط حرب تسعى إلى اقتلاع الحاضر والمستقبل معا.

وترتكب دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 -بدعم أميركي أوروبي- إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا واعتقالا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلفت الإبادة أكثر من 228 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.

SOURCE: QUDS PRESS INTERNATIONAL NEWS AGENCY