مع تصاعد الأحداث الميدانية في الضفة الغربية خلال الأسابيع الأخيرة، عادت العمليات الفدائية لتتصدر المشهد الأمني والسياسي، مثيرةً تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت هذه العمليات تمثل مجرد ردود فعل آنية على ممارسات الاحتلال، أم أنها تشكل إرهاصات لمرحلة جديدة من تصاعد المقاومة في الضفة الغربية ومدينة القدس.
وبحسب العديد من المتابعين فانّ التواتر الملحوظ في طبيعة هذه العمليات، وتنوع أدواتها وأماكن تنفيذها، يعكس حالة من التحول في المزاج الشعبي والسياسي الفلسطيني، ويفرض على المراقبين قراءة معمقة لآفاق المرحلة المقبلة في ظل ما تشهده المنطقة من احتقان متزايد وتحديات متسارعة.
وقال الكاتب والمترجم للإعلام الإسرائيلي عزام أبو العدس “بتقديري ستكون الضفة الغربية أحد أهم مراحل هذه الحرب؛ فالوضع ذاهب الى صراع صفري، مباشر مع جنود الاحتلال والمستوطنين، مشيراً الى أنّ إسرائيل حاولت أن تجعل من غزة نموذجاً لردع الضفة، وقادة الاحتلال والمستوطنين ما ينفكون عن توجيه التهديدات للضفة ومدنها”.
وأردف أبو العدس: “حتى الآن هذا النموذج قد فشل إسرائيلياً؛ فهناك حملة أمنية ضخمة ورغم ذلك عادت العمليات لتتصدر المشهد، لعدة أسباب في مقدمتها أنّ الشباب المقاوم بات أكثر تكيّفاً مع الوضع الراهن ويفقد إسرائيل الكثير من الأدوات هذا من جهة، ومن جهة ثانية بتنا نتعامل مع فئات من الشباب أكثر حذراً وتدريباً وحذراً”.
كما رأى أبو العدس إنّ طبيعة الجرائم وممارسات الاحتلال يجعل فكرة التعايش معها صعب جداً، وبالتالي أضحت مسألة اعمال المقاومة قضية خارج السياق وأضاف:” بكل بساطة إجراءات الاحتلال وصلت للجميع بمن فيهم الذين نأو بأنفسهم عن العمل الأمني ووجدوا أنفسهم معقابين بالحواجز والاقتحامات والقتل”.
وعبّر أبو العدس عن قناعته انّ المستقبل سيحمل مَزيداً من التصعيد مؤكداً على أنّ إسرائيل ستتغول أكثر فأكثر وستتحول مسالة الصدام مع المستوطنين الى واقع وستكون الضفة ساحة مواجهة معقدة لإسرائيل وربما ستستنزف إسرائيل أكثر من غزة كونها ستكون ذات طابع شعبي على كل أرضي الضفة.
ولفت أبو العدس الى أنّ القرار لو ترك لأهل الضفة فهم لا يريدون التصعيد، ولكن في ضوء ما يجري بحقهم من جرائم سيجدون أنفسهم مرغمين مجبورين مضطرين الى خوض مواجهة جديدة قد تكون أقوى من غيرها.
من جانبه توقع الكاتب والمحلل السياسي أمجد بشكار بأن تشهد الفترة المقبلة زخما في العمليات ضد الاحتلال وتصاعدا في الفعل المقاوم الفلسطيني نتيجة العديد من العوامل أولها تبجح الاحتلال في حصاره للضفة اقتصاديا وعسكريا واستمرار الجرائم بحق الجميع.
وأكمل:” أرى أن زخم التصعيد سيكون من بين شهري (9 سبتمبر) (12 ديسمبر) وسيكون هناك فعل حقيقي ومتصاعد خاصة بعد عملية القدس التي لها دلالات معينة وتحديداً بعد تبنيها من قبل كتائب القسام عبر بيان رسمي، وهذا دليل على أن هناك بؤر وخلايا نضالية تنظم نفسها بشكل أو بآخر.
وبخصوص عملية طولكرم قال بشكار:” لم تكن عملية طولكرم من خلال إطلاق نار عن بعد وإنما كانت في عملية محكمة بزراعة عبوة لا تبعد عن الحاجز العسكري إلا بضعة أمتار، وهذه العملية كان لها بُعد مهم، كونها تم تنبيها من حركتي “حماس” و”الجهاد” وهذا يعني أن الوسط الفلسطيني يشهد وجود الخلايا “.
وأردف: أن “ما يزيد من ارهاصات التصعيد استمرار جرائم المستوطنين والاحتلال والحاجة للرد من قبل الفلسطينيين على ذلك، بمعنى أنه من الواضح أنّ جرائم الاحتلال تتصاعد أكثر فأكثر وهذا ما نراه من استهداف للقرى المحاذية للمدينة وكذلك هناك ربما تصاعد في القتل للفلسطينيين ولا سيما في التجمعات البدوية والعاملين في الأراضي الزراعية”.
وشدد بشكار على أن الأمور ستكون أكثر تعقيدا من قبل الاحتلال وادواته حيث الشراسة والإرهاب للقرويين وبالتحديد لكل القرى الفلسطينية المتاخمة وباعتقادي سيكون هناك ردات فعل من قبل الفلسطينيين وستنتج تلك الجرائم جبهة أكثر اشتعالا في الضفة”.
واستبعد أن تفلح أجهزة أمن الاحتلال في اخماد هذه البؤر؛ لأنها ستكون شعبية وليس فصائلية وإن لم يكن هناك رد من منطلق قومي وطني فسيكون هناك رد من منطلق فردي وعشائري مما يصعب على الاحتلال واجهزه الأمنية تتبع لكل المنفذين والمخططين لعميات المقاومة.
وكشفت القناة /i24/ العبرية عن وجود استعدادات لدى جيش الاحتلال لاحتمال تصاعد وتيرة العمليات في القدس والضفة الغربية، وهناك خطط بديلة لاحتمال اندلاع مواجهة أكبر بكثير، أيضا في أماكن أخرى.
وبحسب القناة فإن المعطيات والتقارير تفيد بأن المنطقة الأضعف أمنيا بالنسبة لأجهزة أمن الاحتلال هي مدينة القدس؛ كونه من الصعب جداً إحباط هذه العمليات في هذه المنطقة.
وبحسب الاحصائيات فقد شهدت الضفة الغربية خلال الأسبوع الفائت وقوع 64 عملا مقاوما نوعيا ضد الاحتلال أبرزها العملية في مدينة القدس والتي أدت الى مقتل 7 من المستوطنين وعملية تفجير العبوة الناسفة في مدينة طولكرم والتي أوقعت إصابات في صفوف الجنود وصولا إلى عملية الطعن التي حصلت أيضا في أحد فنادق مدينة القدس وبعض عمليات إطلاق النار وإلقاء الأكواع المتفجرة والحجارة في مناطق متفرقة من الضفة.
SOURCE: QUDS PRESS INTERNATIONAL NEWS AGENCY