حذّر “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” من أن موقف الاتحاد الأوروبي تجاه العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة يُغذّي فعليًا جريمة الإبادة الجماعية ويكرّس الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة، من خلال الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات فعلية لوقف الجرائم المرتكبة.
وقال المرصد، في بيان صحفي اليوم الأربعاء، إن تقاعس الاتحاد الأوروبي عن الوفاء بالتزاماته القانونية الدولية، خصوصًا التزامه بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، يمنح إسرائيل حصانة سياسية وقانونية، بل يرقى إلى مكافأتها على جرائمها، وهو ما يفرغ المواقف الأوروبية المعلنة بشأن العدالة وحقوق الإنسان من أي مشروعية أخلاقية أو قانونية.
وأوضح المرصد أن اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الأخير كشف غياب الإرادة السياسية لممارسة أي ضغط على إسرائيل، حيث اكتفى الوزراء بمراقبة التزام الاحتلال بتسهيل دخول المساعدات إلى غزة، متجاهلين مسؤولياتهم القانونية، ومؤكدًا أن التركيز على المساعدات الإنسانية محاولة لتبييض وجه الاحتلال في ظل غياب أي تحرك فعلي لفتح المعابر بشكل كامل وضمان تدفق آمن وكافٍ للمساعدات.
وقالت ليما بسطامي، مديرة الدائرة القانونية في المرصد، إن الاقتصار على إرسال صناديق الطعام بينما تُرتكب إبادة جماعية بحق شعب بأكمله يمثّل خيانة صريحة للإنسانية وتهربًا من المسؤولية الأخلاقية والقانونية. وأضافت: “غزة لا تواجه أزمة غذاء مؤقتة، بل مشروع تجويع واقتلاع واستئصال لشعب بأكمله.”
وأشار الأورومتوسطي إلى أن الاتحاد الأوروبي أجرى ثلاث مراجعات رسمية لمدى امتثال إسرائيل لبند حقوق الإنسان في اتفاقية الشراكة معها خلال العام الماضي، أظهرت جميعها مؤشرات قوية على الانتهاكات الجسيمة، ورغم ذلك لم تُفعّل أي من الآليات التصحيحية مثل تعليق الامتيازات التجارية أو تجميد التعاون.
وأكد المرصد أن استمرار العمل باتفاقية الشراكة مع “إسرائيل”، وتقديم معاملة تفضيلية لها رغم ارتكابها جرائم جسيمة وموثقة، لا يمثل فقط خرقًا للقانون الأوروبي بل يمنح إسرائيل دعمًا ماديًا وسياسيًا يمكّنها من مواصلة جرائمها دون محاسبة.
كما لفت إلى أن بعض الدول الأوروبية تواصل تزويد “إسرائيل” بالأسلحة والتقنيات العسكرية رغم اعترافها بانتهاكات الاحتلال، واعتبر أن العقوبات الرمزية التي فرضتها دول مثل بريطانيا والنرويج على بعض الوزراء الإسرائيليين تجاهلت ما يجري في غزة بالكامل.
واعتبر المرصد أن الصمت الأوروبي قرار سياسي يعكس تواطؤًا مباشرًا، ودعا الاتحاد الأوروبي إلى استخدام أدوات الضغط المتاحة مثل فرض حظر شامل على تصدير الأسلحة، وتجميد اتفاقية الشراكة، وفرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين، وحظر منتجات المستوطنات، وسحب امتيازات تأشيرة شنغن، والاعتراف الفوري بدولة فلسطين.
وطالب الأورومتوسطي الاتحاد الأوروبي بالانتقال من بيانات القلق إلى خطوات عملية ملموسة تشمل فرض عقوبات فردية وجماعية على “إسرائيل” وتعليق اتفاقيات التعاون ووقف تصدير الأسلحة، إضافة إلى دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية في إصدار وتنفيذ مذكرات توقيف بحق المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الجرائم المرتكبة.
ودعا المرصد كذلك إلى تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية لملاحقة مرتكبي الجرائم الدولية، وفتح تحقيقات محلية في الدول الأوروبية لمحاسبة المواطنين المتورطين في دعم تلك الجرائم.
وختم المرصد بدعوة الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوات فورية لدفع “إسرائيل” إلى وقف جريمة الإبادة الجماعية في غزة عبر فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية، والعمل على إنهاء الاحتلال ورفع الحصار الكامل عن القطاع، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار دون شروط مسبقة.
وترتكب “إسرائيل” منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 197 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.
SOURCE: QUDS PRESS INTERNATIONAL NEWS AGENCY