مراقبون: استجداء السلطة العودة للمفاوضات يكشف عُزلتها وهامشية تأثيرها

مع غياب واضح للحديث عن المفاوضات في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الجدد، أو وجود جدية لدى الإدارة الأمريكية، رأى مراقبون أن اندفاع السلطة الفلسطينية، وتوسّلها للعودة إلى المفاوضات وبدون أي شروط، هو جزء من ادراك عُزلتها وهامشية موقفها في ظل فقدها التأثير الداخلي والخارجي، كلاعب أساس بالقضية الفلسطينية.

 

آخر تلك الخطوات، ترحيب رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير حسين الشيخ، بدعوة روسيا، عقد اجتماع للجنة الرباعية الدولية على مستوى وزراء الخارجية، لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والإسرائيليين.

 

وقال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة: “حتى هذه اللحظة السلطة هي التي تقدم مقترحات وتدعو للقاءات أو تحرض على المفاوضات، حتى الاتصالات التلفونية مع القيادات الإسرائيلية، هذه مبادرات من قبل السلطة ولا تعني شيء لدى دولة الاحتلال أو الإدارة الأمريكية”.

 

وأشار إلى تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يائر لابيد، الذي قال فيه “أنا مقتنع جدا بقيام الدولة الفلسطينية، ولكن الوضع الراهن لا يسمح بذلك، أنه لا يوجد عند الفلسطينيين ديمقراطية وبالتالي لا نسلم أنفسنا للمجهول”.

 

وقال أبو شمالة لـ “قدس برس”: “هذا التصريح الواضح من رأس الدبلوماسية الإسرائيلية والموقف السياسي الواضح من نفتالي بينت رئيس الوزراء يؤكد أنه ليس لدى الإسرائيليين أي مشروع سياسي للتفاوض عليه مع الفلسطينيين”.

 

وأضاف: “نحن أمام مشهد معقد، الفلسطينيون يلهثون للمفاوضات، والاحتلال والمجتمع الدولي ضارب عرض الحائط بكل هذه الأمور”.

 

وأكد أبو شمالة على أن السلطة التي كانت تشترط عام 2014 جملة من الشروط السياسية للعودة للمفاوضات، الآن لا تشترط شيء بل تريد أن تعود للمفاوضات دون أي شرط. ولم تجد حتى هذه اللحظة من هو على استعداد من يتفاوض معها”، وفق قوله.

 

وأضاف: “توسل السلطة الفلسطينية أن تكون هناك مفاوضات أو مشروع مفاوضات أو عقد مؤتمر للمفاوضات هو لأن السلطة معنية بان تكون هناك مفاوضات، فطالما هناك مفاوضات هناك مبرر لوجود السلطة، وهذا المبرر الوجودي لا يعني النجاح أو القبول”.

 

واعتبر أن المفاوضات خيار استراتيجي لدى السلطة، مشيرا إلى أنها فاوضت 27 عاما وعلى استعداد أن تفاوض 27 عاما أخرى لمجرد أن تكون هناك مفاوضات فقط.

 

من جهته قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون: “السلطة تغطي على عجزها وعلى غياب مبررات وجودها وتأثيرها وتحاول الهرب من الواقع الذي حجم هذه السلطة وافقدها اللعب بأي واقع سياسيي”.

 

وأضاف المدهون لـ “قدس برس” : “تحاول السلطة جاهدة القيام بعمليات إعلامية أكثر من كونها سياسية وهي تدرك أنها لا تمتلك أي ورقة من أوراق العمل السياسي الآن”.

 

وأكد على أن “السلطة الفلسطينية الآن تدرك أن مسار التسوية انتهى إلى غير رجعة ولا إمكانية في إحيائه وانه فشل فشلا ذريعا، وان الشعب الفلسطيني دفع أثمانا باهظة جراء المغامرة والدخول في هذا النفق المظلم”.

 

وأشار إلى أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أدرك مبكرا فشل مسار التسوية وشجع على انتفاضة الأقصى وعمل بالشراكة مع حركة “حماس” والمقاومة الفلسطينية في تأجيج هذه الانتفاضة ولهذا دفع ثمن ذلك انه تم اغتياله.

 

وشدد المدهون على أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ادخل السلطة الفلسطينية في آتون مفاوضات عبثية ومتكررة استغلها الاحتلال الإسرائيلي لإحكام سيطرته على الضفة الغربية.

 

وقال: “الآن حل الدولتين لم يعد موجودا، خصوصا بعد أن أتت صفقة القرن وأنهت هذا الخيار ولم يعد مطروحا، حتى الولايات المتحدة لم تعد تتبنى حل الدولتين بالمفهوم التقليدي القديم، وباتت تنظر للسلطة الفلسطينية أنها عبارة عن كنتونات وأنها ذات وظيفة محددة لحفظ الأمن الاستقرار للإسرائيليين”.

 

ووصف الكاتب والمحلل السياسي محاولة السلطة العودة للمفاوضات بأنها ” قفزات في الهواء”، مشيرا إلى أن “الاحتلال لا ينظر للسلطة أنها شريك أو ند في أي مفاوضات لأنها باتت أجهزة امن السلطة تابعة للاحتلال وتنسق معه وتتعاون وتقوم بما يطلبه الاحتلال وزيادة فلماذا يفاوضهم ولماذا يمنحهم أي قيمة سياسية”.

 

واعتبر ترحيب حسين الشيخ بدعوة روسيا لعقد الرباعية الدولية “هروب من الواقع المزري الذي تعيشه السلطة وتعيشه الحالة الفلسطينية خصوصا في الضفة، وهو مجرد محاولة يائسة بائسة منه للتمسك بحبال الهواء من اجل بقاء دور للسلطة ليقال انه دور سياسي وهو غير موجود الآن”.

 

وقال: “ترحيب السلطة بالدعوة الروسية لعقد اللجنة الرباعية لا يعني شيء على الوضع الداخلي وهو تكرار لحديث قديم، فالسلطة فقدت التأثير على الوضع السياسي الفلسطيني وهي الآن فقد حصرت في تأثير وظيفي محدود بالوظيفة الأمنية في الضفة الغربية”.

 

وأضاف: “حجم السلطة لم يعد قادر في أن يكون له تأثير في أي عمل سياسي أو مقاوم أو وطني، وهي الآن باتت غير قادرة على التفاعل”.

 

وأشار المدهون إلى أن البيئة الإقليمية والدولية لم تعد تساعدها بذلك لأنها لم تعد تؤمن بحل الدولتين وبات الأمر غير مواتي، والكيان الإسرائيلي لم تؤمن بموضوع التسوية.

 

وقال: “نحن أمام واقع سلطة مزري وبيئية إقليمية ودولية لم تعد تؤمن بهذا المسار والبيئة إسرائيلية معادية لذلك”.

 

وأضافت: “هذا المسار (التسوية) مسار عبثي ولن يؤدي إلى شيء يتكرر منذ سنوات دون أي نتيجة سياسية ويستغله الاحتلال من اجل توسيع المستوطنات وإحكام السيطرة على الضفة ، فالسلطة فقط تحاول أن تناور إعلاميا من اجل بقاء وجودها ووجود بعض نفوذها”.

 

وتابع:” مسار التسوية اضر بالقضية الفلسطينية بشكل كبير خصوصا أن الاحتلال استغل هذا المسار في توسيع الاستيطان وإحداث انشقاقات في المجتمع والحياة السياسية الفلسطينية وزاد من تهويد المقدسات في ظل سلطة أمنية عاجزة”

 

ودعا المدهون السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير أن تجمع الوضع الفلسطيني وتعيد الاعتبار لهذا الكيان “منظمة التحرير”، وتعتذر للشعب الفلسطيني على السنوات التي ضاعت من عمره في ظل المفاوضات وتسليم الراية لغيرها ولا تكرار المكرر وإعادة المعاد من اجل إبقاء نفوذها.

 

Source: Quds Press International News Agency