Search
Close this search box.

لماذا تأجلت اجتماعات الحوار الفلسطيني في القاهرة؟

عقب انتهاء كل جولة عسكرية تخوضها المقاومة الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي، تبدأ أخرى لا تختلف كثيرا عنها من حيث فرض معادلات جديدة وتوازانات إقليمية تحاول ” تل أبيب” الالتفاف عليها، وحصرها في منطق اللامعقول سياسيا واستراتيجيا.

 

وبعد أحد عشر يوما من إدارة المقاومة لمعركة “سيف القدس”، ضربت فيها عمق” إسرائيل” سياسيا وميدانيا وحتى استخباراتيا، وسجلت نقاطًا حاسمة في كيفية الصراع مع المحتل، اتجهت أعين الفلسطيني مرة أخرى صوب القاهرة التي ترعى كعادتها مفاوضات ما بعد وقف إطلاق النار، وسط مشهد فلسطيني محلي وإقليمي معقد، بيد أن تأجيل حوار القاهرة بين الفصائل الفلسطينية مؤخرا، فتح الباب أمام تساؤلات عن المغزى من ذلك؟

 

اختلاف الأجندات

 

في هذا السياق، يرى الكاتب الفلسطيني ساري عرابي أن اختلاف الأجندات والأولويات بين السلطة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية “حماس” تحديدا، كانت سببا رئيسيا في إعلان مصر تأجيل حوار الفصائل، مضيفا: “تريد السلطة استثمار الجولة الأخيرة لصالحها وتجديد شرعيتها وترسيخ مكانتها عبر بوابة إعادة الإعمار وتشكيل حكومة وطنية، بينما حماس ترفض كل ذلك معتبرة أن المعركة تجاوزت الحديث في التفاصيل الصغيرة مع السلطة والأساس هو إعادة بناء منظمة التحرير”.

 

ولفت الباحث عرابي في حديثه مع” قدس برس”، إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة بالنسبة لما قبل معركة “سيف القدس”، لسببين أولهما: إدراك السلطة بقدرة “حماس” على الفوز في أي نتائج انتخابات في الأشهر القليلة المقبلة، وهو ما أشارت إليه استطلاعات الرأي الأخيرة.

 

بينما السبب الثاني من وجهة نظر عرابي، يكمن في إصرار”حماس” على أن تكون العودة للمفاوضات وحوارات القاهرة وفقا لإحياء منظمة التحرير، مستدركا:” إذ لم يكن هناك أي تقدم سياسي فيما يتعلق خصوصا بملف الإعمار، ستجد نفسها الحركة مضطرة للحديث في القضايا الحياتية اليومية مثل الرواتب ودخول مواد البناء”.

 

إصلاح المنظمة أم حكومة وحدة

 

بدوره، يقرأ المحلل السياسي إياد جبر، تأجيل الحوار الوطني في القاهرة من منظورين، الأول يتعلق بما قبل العدوان الأخير وطبيعة العلاقات المصرية مع السلطة الفلسطينية، وإلغاء الانتخابات التشريعية، حيث كانت “بضغط من مصر وبعض الأطراف الدولية”، وهو ما ولد فجوة في العلاقات لفترة بينهما، مضيفا:” مصر والامارات كانتا قد أعطت الضوء الأخضر للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، للدخول إلى الانتخابات للتخلص من عباس بأي شكل”.

 

وأشار جبر في حديث لـ” قدس برس” إلى أن عباس، كان يحاول تشكيل حكومة وحدة وطنية قبل “سيف القدس” كنوع من الهروب من الاتهامات التي وجهتها له الإدارة المصرية بعد إلغائها، مستدركا: “حاولت مصر مؤخرا أن تستدعي الأطراف الفلسطينية للبناء على ما تم الاتفاق عليه، بيد أن إصرار عباس وتجاهله لإصلاح المنظمة كان سببا في تأجيل الحوار”.

 

أما المنظور الثاني، يتمثل في “حماس” التي لم تعد تطلب فقط حكومة وحدة وطنية والنظر إلى الأمور الحياتية في غزة، وإنما إصلاح منظمة التحرير من الداخل وتجديد الشرعيات والمجالس الفلسطينية، قائلا:” السلطة لم تراع انفتاح حماس والمقاومة إقليميا وفرضها معادلات جديدة بعد المعركة الأخيرة”.

 

وفي معرض رد الباحثان على سؤال: ما السيناريو المتوقع في حال تم العودة مجددا إلى القاهرة؟، أجاب عرابي: “لا أعتقد أن السلطة ستقبل بأي شكل من الأشكال إعادة منظمة التحرير الفلسطينية، ودخول حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” بنسب ثقيلة، موضحا في الوقت نفسه أن الطرف المصري والسلطة وحتى المنظومة العربية والإقليمية غير معنية بانفتاح نسبي على المقاومة و”حماس”.

 

وتابع: “لم يحصل أي تحول استراتيجي في المنطقة يقبل بوجود حماس في النظام السياسي، وفي حال عادت الحوارات من جديد فإننها ستكون بروتوكولية جزئية متعلقة بإعادة إعمار غزة، إلا في حال قبلت الحركة وتنازلت بالعودة إلى مربع الانتخابات وما قبل سيف القدس”.

 

في حين كانت إجابة جبر: “إن السلطة اليوم تمر بنفس الظروف السياسية المعقدة التي تعيشها منذ فترة، وهي بحاجة إلى تجديد شرعيتها وهياكلها الداخلية ومؤسساتها، وبالتالي فإن عدم وصول القطاع إلى مرحلة إنهاء الحصار، سيضطر طرفي الانقسام لتقديم تنازلات أو التراجع عن بعضها؛ لأجل الوصول إلى حل شامل لكل فلسطيني”.

 

ويتفق الباحثان في رؤيتهما لتعاطي الفصائل الفلسطينية، لاسيما “حماس”، مع الطرف المصري، من أكثر من زاوية، الأولى تكمن في إدارك طبيعة الموقف المصري وانحيازاته وسياساته الاستراتيجية صوب “إسرائيل” وأمريكا، وهو ما يعني علاقة استراتيجية يبنى عليها عاما بعد عام، إلى جانب تحقيق اختراق إقليمي على مستوى العلاقات الأمنية والقومية مع الإدارة المصرية.

 

ووفقا لتحولات دراماتيكية في المنطقة مؤخرا لاسيما مع الإدارة الأمريكية الجديدة، فإن مصر تنظر إلى قطاع غزة اليوم كنوع من الاستثمار لصالح عودة دورها الإقليمي واستعادة مكانتها الحيوية في المنطقة، وهو ما يعني من وجهة نظر الباحثان الانفتاح أكثر على المقاومة الفلسطينية مع وعي الأخيرة بأهمية المرحلة الحالية.

 

Source: Quds Press International News Agency